ما حقيقة تخطيط “بيل غيتس” لإطلاق جدري القرود في ماي 2022؟


انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كتابات تروج لنظرية مؤامرة تقول إن تقريرا حول جدري القرود صدر عن مؤسسة بيل غيتس ومؤتمر ميونخ للأمن في مارس/آذار 2021 قال إن جدري القرود سيبدأ الانتشار في 15 مايو/أيار 2022، وسيصيب 3.2 مليارات إنسان، ويقتل 270 مليونا. فما حقيقة ذلك؟ وهل خطط غيتس فعلا لإطلاق جدري القرود بالتعاون مع مؤتمر ميونخ للأمن؟

عدنا في الجزيرة نت للتقرير المذكور، وتحققنا منه، وتوصلنا للتالي:

أولا. التقرير ليس صادرا عن مؤسسة بيل وميليندا غيتس.

ثانياالتقرير صادر عن مؤسسة اسمها مبادرة التهديد النووي (Nuclear Threat Initiative)، ومقرها واشنطن.

ثالثاالتقرير حصيلة ورشة عمل في مارس/آذار 2021، بين مبادرة التهديد النووي ومؤتمر ميونخ للأمن بشأن الحد من التهديدات البيولوجية عالية العواقب.

وفحص التمرين الثغرات في هياكل الأمن البيولوجي الوطنية والدولية والتأهب للوباء، واستكشاف الفرص لتحسين قدرات الوقاية والاستجابة للأحداث البيولوجية ذات العواقب الكبيرة. وكان من بين المشاركين 19 من كبار القادة والخبراء من جميع أنحاء أفريقيا والأميركتين وآسيا وأوروبا مع عقود من الخبرة المشتركة في الصحة العامة وصناعة التكنولوجيا الحيوية والأمن الدولي والعمل الخيري.

من الذين شاركوا في ورشة العمل الدكتور إرنست ج. مونيز الرئيس المشارك والرئيس التنفيذي لمبادرة التهديد النووي ووزير الطاقة الأميركي الأسبق، والسفير ولفغانغ إيشينغر من مؤتمر ميونخ للأمن، ولوك ديبروين المستشار الإستراتيجي للرئيس التنفيذي للتحالف من أجل التأهب للأوبئة، والدكتور كريس إلياس رئيس قسم التنمية العالمية في مؤسسة بيل وميليندا غيتس، وغيرهم.

أي أن ممثلا عن مؤسسة بيل وميليندا غيتس شارك في ورشة العمل تلك، لكن التقرير لم يصدر عنها.

رابعا. التمرين يشتمل على سيناريو خيالي تم تطويره بالتشاور مع الخبراء التقنيين والسياسيين، إذ صور جائحة عالمية قاتلة تتضمن سلالة غير عادية من فيروس جدري القرود ظهرت لأول مرة في دولة برينيا الخيالية وانتشرت على مستوى العالم على مدار 18 شهرا.

في نهاية المطاف، كشف سيناريو التمرين عن أن التفشي الأولي كان بسبب هجوم إرهابي باستخدام عامل مُمرض تمت هندسته في المختبر مع عدم كفاية أحكام السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي والرقابة الضعيفة. وبحلول نهاية التمرين أدى الوباء الخيالي إلى أكثر من 3 مليارات إصابة و270 مليون وفاة في جميع أنحاء العالم.

خامسا. أنتجت المناقشات خلال التمرين مجموعة من الأفكار القيمة والنتائج الرئيسية، والأهم من ذلك أن المشاركين في التمرين اتفقوا على أنه رغم التحسينات التي أعقبت الاستجابة العالمية لكوفيد-19، فإن النظام الدولي للوقاية من الجائحة واكتشافها وتحليلها والتحذير منها والاستجابة لها غير كاف بشكل محزن لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية المتوقعة.

سادسا. التقرير يشتمل على سيناريو زمني متخيل، لكن بدء انتشار الفيروس ليس في 15 مايو/أيار كما تداوله كثير من الناس على مواقع التواصل، بل في الخامس من يونيو/حزيران المقبل. ومع ذلك، فإن هذا كله سيناريو متخيل لا علاقة له بالواقع.

سابعا. ورشة العمل هذه ليست الأولى التي قامت بها مبادرة التهديد النووي، إذ أجرت تقريرا عام 2019 حول “انتشار الطاعون“، وتقريرا عام 2020 حول “منع المخاطر البيولوجية الكارثية العالمية”.

نظريات المؤامرة تلاحق بيل غيتس

قال الكاتب بروس واي لي في تقرير في “فوربس” (forbes) إنه بمجرد انتشار جدري القرود الحالي في الولايات المتحدة، كانت مسألة وقت فقط قبل أن تبدأ نظريات المؤامرة حول هذا التفشي أيضا، وكانت مسألة وقت فقط قبل أن تبدأ نظريات المؤامرة هذه في ذكر بيل غيتس؛ المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت والملياردير المُحسِن، حسب المجلة.

وكان وسم #BillGatesBioTerrorist ينتشر على تويتر يوم السبت كما أشارت رينيه ديريستا مديرة الأبحاث في مرصد “ستانفورد للإنترنت” (Stanford Internet Observatory).

من كان يستخدم هذا الوسم؟

استخدم وسم #BillGatesBioTerrorist بعض الأشخاص الذين يمكن التعرف عليهم، لكن أيضا انتشر في العديد من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المجهولة. على سبيل المثال، ادعى حساب باسم “Just Call me Mike” أن غيتس “كان يطلق مسببات الأمراض ويجرب في الناس”، وأن هذا حدث مع كوفيد-19 وجدري القرود.

ولم تقدم تلك المنشورات أي أدلة لدعم ادعاءاتها، لكن بعضها أشار إلى تعليقات غيتس السابقة التي حثت العالم على أن يكون أكثر استعدادا لهجمات الجدري الإرهابية البيولوجية المحتملة.

لكن مثل هذا الدليل يعد تافها، وذلك أن التحذير من الجدري ليس مثل التحذير من جدري القرود؛ فالمرضان ليسا الشيء نفسه. بالإضافة إلى ذلك، من المؤكد أن غيتس لم يكن الشخص الوحيد الذي حذر من احتمال حدوث هجمات إرهابية بيولوجية. فعلى مدى العقدين الماضيين، كان العديد من خبراء الصحة العامة والأمن يحثون العالم على الاستعداد بشكل أفضل.

لماذا تستهدف نظريات المؤامرة غيتس؟

كان غيتس يدعم التطعيم وتطوير لقاحات جديدة للوقاية والاستجابة بشكل أفضل لتفشي الأمراض المعدية والأوبئة؛ لذلك ربما تعده الحملات المناهضة للتلقيح -التي قد تحاول بدورها بيع أدويتها غير المثبتة- أنه هدف كبير. وهناك احتمال أن تكون بعض هذه الرسائل من أولئك الذين يحاولون زعزعة استقرار المجتمع والحكومات، مثل رسائل مكافحة التطعيم التي جاءت من مصادر روسية، حسب تقرير فوربس.

وختم تقرير فوربس بأنه من دون مزيد من الأدلة فليس من الواضح تماما الدوافع والمصادر التي قد تكون للعديد من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المجهولة لاستهداف بيل غيتس، لكن شيئا واحدا مؤكدا هو أنه من خلال استخدام جدري القردة بهذه الطريقة، فإنهم لا يساعدون في مكافحة المرض، بل يبدو أنهم يضرون الجهود المبذولة لحماية الناس من مثل هذه الأوبئة الآن وفي المستقبل.